إن مسألة حوار الأديان والثقافات والحضارات تشغل المجتمع الدولي سواء في الغرب، أو في العالم العربي الإسلامي. ولا يمكن لهذا الحوار أن ينطلق فعلاً ويؤتي ثماره إلا إذا قام الجميع بنقد راديكالي لتراثاتهم القديمة الموروثة: أي للاهوت القرون الوسطى الذي يكفّر الآخرين وينبذهم ولا يعترف بهم ولا بإيمانهم. وبالتالي فنحن بحاجة إلى عقلية جديدة لمواجهة المشاكل المطروحة علينا اليوم. فبالعقلية القديمة المنغلقة والرافضة للآخر مسبقاً لا يمكن أن نتقدّم خطوة واحدة إلى الأمام.
هذه العقلية الجديدة المنفتحة والمتسامحة هي التي يبلور أركون خطوطها العريضة في هذا الكتاب الهام من خلال علم الأديان المقارنة وبقية العلوم الإنسانية الحديثة غير المعروفة كثيراً في الساحة العربية حتى الآن.
ويختتم أركون كتابه بالتحدّث بشكل ذاتي مؤثّر عن علاقته الشخصية بالأب يواكيم مبارك وبالمستشرق الشهير لويس ماسينيون. كما يتحدّث للمرّة الأولى عن مساره الشخصي والفكري على مدار نصف قرن. ويشرح لنا كيفية الانتقال من مرحلة الإسلام المُستعبد المقيّد السائد حالياً إلى مرحلة الإسلام المستنير الحر.
هذا هو الكتاب الأخير الذي يصدر لأركون بعد وفاته، وقد كان ينتظره بفارغ الصبر.
محمد أركون (1928-2010) باحث ومؤرّخ ومفكّر جزائري. أحد كبار الشخصيات البارزة في علم الإسلاميات المعاصر. كتب باللغتين الفرنسية والإنكليزية وترجمت أعماله إلى عدد من اللغات.
من إصداراته عن دار الساقي: "أين هو الفكر الإسلامي المعاصر؟"، "نحو تاريخ مقارن للأديان التوحيدية"، "حين يستيقظ الإسلام"، "قراءات في القرآن".