يجسِّد ديوان التدبيج واحدة من الذرى العليا للإبداع في الثقافة العربية على صعيد التصور والتنفيذ. وهو عمل فذٌّ "لم يسبق إلى مثله سابق ولا يلحق مدى الدهر شأوَه لاحق"، كما يقول عنه مؤلِّفه عبد المنعم بن عمر بن حسَّان الغسّاَنيُّ الجليانيُّ الأندلسيُّ. وهو عبقريٌّ من عباقرة الابتكار والإبداع شاعراً وناثراً وفنَّاناً.
وفي ابتكاره لمفهوم المدبَّجة ما يبلغ درجة الاعجاز، والمدبجة "ابتداع معجز تدبيجه فاق حدَّ الشعر" لأنها تركيب شعري، من مطلق ولزومي، كثيراً ما يمتزج بالنثر، تتناسج فيه كلمات القصائد وتتقاطع وتتداخل وتتواشج وتخرج من بعضها بعض لتتشكل من الصورة الواحدة عدة قصائد يرسمها الجلياني في لوحات مذهلة: فهنا شجرة وطفاء، وهنا سجَّادة باهرة، وهنا فراشة مرفرفة، وهنا صدَفة أسرار ودرر لا تضاهى، وهنا تشكيلات هندسية يزوغ لها البصر، تتعدّد فيها ألوان الكلمات والأغصان والأوراق والأشكال، لتولِّد منظراً رائعاً للعين كما هي مروِّعة للفكر. ووراء كلِّ ذلك يحتجب تصوُّر باطنيٌّ صوفيٌّ يكتنه العالم ببصيرة لا يملكها سواه، وبراعة شعرية وثراء لغة وجمال صور لا يملكها إلا الذين يختصُّهم الله بما يشاء لهم من امتياز.
ويلتقي مع الجلياني لكشف هذا العمل الفريد وتحقيقه كمال أبو ديب، أحد أهمّ النقاد المعاصرين والمؤثّرين في الحياة الثقافية، مع ناقدة تنتمي إلى جيل جديد من الباحثين يبشِّر بعطاء ثري في المستقبل القريب، هي الدكتورة دلال بخش. ويتوَّج الجهد المبذول بإكليل من الإمتاع والإبداع هو هذا الكتاب الذي لا شكَّ لدينا في أنه سيفتن ويحيِّر ويمتع ويدهش ويثري ويثير ويظلُّ كنزاً مكنوناً من كنوز الثقافة العربية إلى أجيال تأتي.
عبد المنعم بن عمر بن حسان الأندلسي شاعر وناثر وفنّان.
صدر له عن دار الساقي: "ديوان التدبيج: فتنة الإبداع وذروة الإمتاع".