تفتحت فيّ رغبات المراهقة فخسرت جسدي وإرادتي وقراري وحركتي، ودخلت في دوائر الخوف والهزال.
سلبوا مني كل شيّ، حتى الأمل في الغد، وما تركوا لي إلا رغبتي في الموت. اندفعت إلى حضن الموت أبارك له إيماني بلا شيء إلا هو. لكنهم كانوا بيني وبين الموت. منعوني من اختيار العدم الحقيقي، وأبقوني في عبثية عدمهم. كلما فررت من قفص أدخلوني في آخر.
قصوا أجنحتي، نتفوا ريشي، وكفنوني بالبياض لأسير بين الأحياء جسداً لا يعرف الحياة. أسير ميتة بينهم، لا أعرف الدفء ولا الأمان ولا أقدر على التحليق.
أعرف جيداً الإحتراق، وأعرف كيف أكوّم رمادي بعضه فوق بعض، وأتقن فن إشعاله من جديد. لم أعرف أن رمادي سيشتعل يوماً ويحرقني إلى أن أتلاشى وأُبعث من رمادي وأعود للاحتراق والاشتعال مع الرماد القديم وأبعث من جديد.
عفاف البطاينة أكاديمية، قاصة، وروائية من الأردن، حاصلة على شهادة الدكتوراه في النقد الأدبي والترجمة من بريطانيا.
صدر لها عن دار الساقي: "الإغواء الأخير"، "خارج الجسد".