قام المؤلّف بإعادة قراءة التنزيل الحكيم بآليات جديدة، واضعاً نصب عينيه أنه يحتوي المطلق الإلهي والنسبية الإنسانية في الفهم. فهو كالوجود لا يحتاج إلى أي شيء من خارجه لفهمه، فخالق الكون بكلماته هو نفسه موحي التنزيل الحكيم بكلامه،وهو الله سبحانه وتعالى.
هذه القراءة قادته للبحث عن مفاتيح فهم التنزيل الحكيم التي هي بالضرورة داخله، وقادته لإعادة النظر في مفاهيم السلف في ضوء النظم المعرفية الحديثة التي بين يديه، ليس تشكيكاً قي ذكائهم أو في تقواهم أو حسن نواياهم، بل لإيمانه بأنهم تفاعلوا مع التنزيل الحكيم واجتهدوا ضمن إمكاناتهم وأرضيتهم المعرفية، واليوم لدينا أرضية معرفية مغايرة تسمح بقراءة جديدة مغايرة.
لقد توصّل الدكتور شحرور في قراءته المعاصرة إلى أن التنزيل الحكيم يضمّ بين دفّتيه نبوة محمد (ص) كنبي، ورسالته كرسول. وآياته من هذه الزاوية تضمّ آيات النبوة التي تشرح نواميس الكون وقوانينه وقوانين التاريخ وأحداث الرسالات والنبوات (القصص) وتحتمل التصديق والتكذيب، وآيات الرسالة التي تشرح الأحكام والأوامر والنواهي وتحتمل الطاعة والمعصية.
د. محمد شحرور (1938-2019) باحث ومفكّر سوري. هو مرجع أساسي في العلوم القرآنية بعدما أوجد نهجاً جديداً وعلمياً لفهمها. من إصداراته عن دار الساقي: «الكتاب والقرآن»، «الدين والسلطة»، «تجفيف منابع الإرهاب»، «دليل القراءة المعاصرة للتنزيل الحكيم»، «الإسلام والإنسان» (جائزة الشيخ زايد 2017).