على عكس ما تقوله المقاومات من أنها توحّد بلدانها في وجه عدوّ أجنبيّ، تدلّ التجارب على كونها هي نفسها تعبيراً عن نزاع أهليّ محتدم. فإيرلندا، مثلاً، بوصفها البلد الأسبق عهداً بالمقاومات، مثالٌ واضح على تساوي الحرب الأهليّة والمقاومة. وفي فرنسا، زُيِّنت المقاومة بما يخفي الانقسام الداخليّ حولها. ومثّلت المقاومة في الجزائر مصدر الشرعيّة للدولة المستقلّة، ما أدّى إلى استعصاء الجزائر، منذ الاستقلال، على الشرعيّة الدستوريّة.
يرى المؤلّف أن المقاومات لا تزيد النزاعات احتداماً فحسب، بل إن انتصارها يقضي تماماً على إمكان أن تنشأ حياة سياسية وأن يُعمل بموجبها. ذاك أنّ الشرعيّة في ظلّ المقاومات تنبثق من المقاومات نفسها، وهذا ما يجعل البلدان التي تنتصر فيها المقاومات تُنكب بأنظمة استبداديّة تضاف إلى نكبتها بالاحتلالات.
حازم صاغيّة كاتب ومعلّق لبناني. كتبَ في السياسة والثقافة العربيّتين، وصدرت له مؤلَّفات عدّة عن دار السّاقي، منها: ’البعث السوري‘، ’في أحوالنا وأحوال سِوانا‘، ’هذه ليست سيرة‘، ’نواصب وروافض‘، ’بعث العراق‘، ’نانسي ليست كارل ماركس‘، ’هجاء السلاح‘.