يعنى هذا الكتاب بموضوع المواءمة بين الديموقراطية كأيديولوجيا غربية، والذهنيات السائدة في البلدان النامية. والمشروع ينطلق من باب تحديث مفهوم الديموقراطية وتحقيق التلاؤم بين معطيات العقيدة الديموقراطية وحضارات البلدان الآسيوية ـ الأفريقية. ويعتمد البحث نهج التفكيك لأقانيم الديموقراطية، ثم إعادة تركيبها في منظومات أكثر ملاءمة مع روح العصر.
تنطلق عملية التحديث من نقطة التخلي عن الأسس الفلسفية الكلاسيكية، أو من عصر التنوير التي ألهمت الأيديولوجيا الديموقراطية، ثم الاتجاه نحو معطيات ومناهج جديدة في الفكر المعاصر. وهو أمر يساعد على التعامل مع الديموقراطية بصورة أعم، وعلى ترجيح كفة المواءمة.
وتستعيض النظرية المطروحة عن مبادئ عصر التنوير من عقلانية وفردية وأحكام كلية، بنظرية التعايش بين منظومات أخلاقية سائدة، ثم تعدد المفاعيل وتداخلها والموازنات بين القيم استلهاماً بفقه الموازنات في الشرع الإسلامي.
ويدور البحث في القسم الثاني حول الذهنية والمسالك السياسية في الإسلام الحديث والإمكانيات المتوافرة للمسلمين لتحقيق التغيير الضروري من ضمن الشرع وخارجه. ومن ذلك أيضاً تقييم صيغ الديموقراطية عند التحديثيين ونقدها، من منظار فقه الموازنات.
والخلاصة، أن إعادة صياغة النظرية الديموقراطية تساعد على التقدم وتسهيل عملية الملاءمة مع الحضارات الآسيوية ـ الأفريقية.
إيليّا حريق (1934-2010) مؤرخ وباحث لبناني، نال شهادة الدكتوراه في علم السياسة من جامعة شيكاغو في الولايات المتحدة عام 1964، له العديد من المؤلفات بالانكليزية والعربية في السياسة والاقتصاد والديموقراطية، خصوصاً المتعلقة منها بمنطقة الشرق الأوسط.
صدر له عن دار الساقي: "الديموقراطية وتحدّيات الحداثة بين الشرق والغرب".